تقع منطقة عسير في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية، وتتميز بتضاريسها الجبلية وطقسها المعتدل الذي جعلها واحدة من أبرز المناطق السياحية في المملكة. تمتد جذور تاريخ عسير إلى قرون عديدة، حيث كانت موطنًا للعديد من الحضارات القديمة التي تركت بصماتها على الثقافة والتاريخ المحليين.
خلال العصور الوسطى، كانت عسير تحت سيطرة العديد من القوى، بما في ذلك الدولة الأيوبية والمماليك، ولاحقًا العثمانيون. ومع ذلك، لم يكن للعثمانيين سيطرة كاملة على المنطقة، حيث بقيت السلطة الحقيقية في أيدي شيوخ القبائل المحلية. في بداية القرن العشرين، دخلت عسير في العصر السعودي الحديث عندما استطاع الملك عبد العزيز آل سعود توحيد معظم شبه الجزيرة العربية تحت راية المملكة العربية السعودية.
تعتبر عسير من المناطق ذات الأهمية الثقافية الكبيرة في المملكة العربية السعودية. يتميز سكان عسير بتراثهم الغني وتقاليدهم الفريدة، التي تتضمن الفنون الشعبية، والرقصات التقليدية، والأزياء، والحرف اليدوية. وتشكل هذه العناصر جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية لسكان المنطقة، وتُعرض في المهرجانات والفعاليات الثقافية المحلية.
تلعب القهوة دورًا مهمًا في الحياة اليومية لسكان عسير، وهي جزء من التراث الثقافي غير المادي الذي ورثوه عبر الأجيال. يتم تحضير القهوة في عسير بطرق تقليدية تبدأ باختيار حبوب البن الطازجة وتحميصها بلطف على النار، ثم طحنها وإعدادها في دلّة نحاسية كبيرة. تُقدم القهوة للضيوف كرمز للضيافة والاحترام، وتعد جزءًا أساسيًا من التقاليد الاجتماعية في المنطقة.
في المجتمع العسيري، يتم تعليم الشباب تقاليد إعداد وشرب القهوة من خلال مشاهدة ومساعدة الكبار. تبدأ عملية التعلم باختيار أفضل حبوب القهوة من السوق، ثم تحميصها وطحنها، وأخيرًا تحضيرها وتقديمها في الفناجين الصغيرة. يُعتبر تقديم القهوة عملية فنية تتطلب مهارة ودقة، وتُعد جزءًا من التراث الذي يُحتفى به في المناسبات الاجتماعية والمهرجانات.
تشهد منطقة عسير العديد من المهرجانات التي تحتفل بتاريخ وثقافة القهوة السعودية. تُنظم هذه المهرجانات لتسليط الضوء على تقاليد إعداد القهوة، وتقديم تجارب عملية للزوار حول كيفية تحضيرها وتقديمها. تُعد هذه الفعاليات فرصة للتعرف على تاريخ القهوة وأهميتها في الثقافة السعودية، بالإضافة إلى تعزيز السياحة في المنطقة.
تم إدراج القهوة السعودية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية من قبل منظمة اليونسكو، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا العنصر الثقافي في المجتمع السعودي. يُعتبر إعداد وشرب القهوة جزءًا من الحياة اليومية في عسير، حيث يجتمع الناس لمناقشة الأمور اليومية وتبادل الأخبار والأفكار أثناء شرب القهوة. تلعب القهوة دورًا مهمًا في تعزيز الروابط الاجتماعية وتوطيد العلاقات بين الأفراد.
تُعد القهوة أكثر من مجرد مشروب في منطقة عسير، فهي رمز للكرم والتقاليد الراسخة التي تُنقل من جيل إلى جيل. يعكس تاريخ القهوة في عسير التراث الثقافي الغني للمنطقة، ويسلط الضوء على أهمية هذا المشروب في الحياة الاجتماعية والثقافية للسكان. من خلال الفعاليات والمهرجانات، يُحتفى بتقاليد القهوة ويُعزز الفخر بالتراث المحلي، مما يجعل من عسير وجهة مثالية لاستكشاف الثقافة السعودية العريقة.
جمعية البن بمنطقة عسير تسعى لتعزيز زراعة البن وتحسين جودة إنتاجه من خلال دعم المزارعين وتقديم برامج تدريبية متقدمة. .